بالفيديو. الشاعر عدنان بلاونة في رثاء أبو عمار بمناسبة الذكرى أل 13 لاستشهاد الرئيس ياسر عرفات
10 / 11 / 2017
تصادف يوم غد الجمعة، الذكرى السنوية الثالثة عشر لاستشهاد الرئيس المؤسس، الشهيد ياسر عرفات “أبو عمار”.
فقد رحل المناضل والقائد الكبير “أبو عمار” في الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2004، بعد أن رسخ نهجا ثوريا صلبا، وعقب حصار إسرائيلي جائر لمقر الرئاسة “المقاطعة”، جاء ردا على مواقفه الصلبة وتمسكه بالثوابت الوطنية.
لقد استفادت مختلف مراحل النضال الوطني منذ انطلاقة الثورة المعاصرة من حنكة عرفات، الواسعة وإرادته وصموده أمام كل التحديات، إذ أنه حوّل الكثير من الانتكاسات إلى انتصارات سجلها التاريخ.
ولد ‘أبو عمار’ في القدس في 4 آب/أغسطس عام 1929، واسمه بالكامل ‘محمد ياسر’ عبد الرؤوف داود سليمان عرفات القدوة الحسيني، وتلقى تعليمه في القاهرة، وشارك بصفته ضابط احتياط في الجيش المصري في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر في 1956.
وقد درس في كلية الهندسة بجامعة فؤاد الأول بالقاهرة، وشارك منذ صباه في بعث الحركة الوطنية الفلسطينية من خلال نشاطه في صفوف اتحاد طلبة فلسطين، الذي تسلم زمام رئاسته لاحقاً.
كما الراحل شارك مع مجموعة من الوطنيين الفلسطينيين في تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني ‘فتح’ في الخمسينات، وأصبح ناطقا رسميا باسمها في 1968، وانتخب رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في شباط 1969، بعد أن شغل المنصب قبل ذلك أحمد الشقيري ويحيى حمودة.
وألقى أبو عمار عام 1974 كلمة باسم الشعب الفلسطيني، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وحينها قال جملته الشهيرة ‘جئتكم حاملا بندقية الثائر بيد وغصن زيتون باليد الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي’.
وبصفته قائدا عاما للقيادة المشتركة لقوات الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، قاد ‘أبو عمار’ خلال صيف 1982 المعركة ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان، كما قاد معارك الصمود خلال الحصار الذي ضربته القوات الإسرائيلية الغازية حول بيروت طيلة 88 يوما انتهت باتفاق دولي يقضي بخروج المقاتلين الفلسطينيين من المدينة، وحين سأل الصحفيون ياسر عرفات لحظة خروجه عبر البحر إلى تونس على متن سفينة يونانية عن محطته التالية، أجاب ‘أنا ذاهب إلى فلسطين’.
لقد حل الزعيم ياسر عرفات وقيادة وكادر منظمة التحرير ضيوفا على تونس، ومن هناك بدأ استكمال خطواته الحثيثة نحو فلسطين.
وفي الأول من تشرين الأول 1985 نجا ياسر عرفات بأعجوبة من غارة إسرائيلية استهدفت منطقة ‘حمام الشط’ بتونس، أدت إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى من الفلسطينيين والتونسيين، ومع حلول 1987 أخذت الأمور تنفرج وتنشط على أكثر من صعيد؛ فبعد أن تحققت المصالحة بين القوى السياسية الفلسطينية المتخاصمة في جلسة توحيدية للمجلس الوطني الفلسطيني، أخذ عرفات يقود حروبا على جبهات عدة؛ فكان يدعم الصمود الأسطوري لمخيمات الفلسطينيين في لبنان، ويوجه انتفاضة الحجارة التي اندلعت في فلسطين ضد الاحتلال عام 1987، ويخوض المعارك السياسية على المستوى الدولي من أجل تعزيز الاعتراف بقضية الفلسطينيين وعدالة تطلعاتهم.
وعقب إعلان استقلال فلسطين في الجزائر في الخامس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1988، أطلق في الثالث عشر والرابع عشر من كانون الأول للعام ذاته في الجمعية العامة للأمم المتحدة مبادرة السلام الفلسطينية لتحقيق السلام العادل في الشرق الأوسط، حيث انتقلت الجمعية العامة وقتها إلى جنيف بسبب رفض الولايات المتحدة منحه تأشيرة سفر إلى نيويورك، وأسست هذه المبادرة لقرار الإدارة الأميركية برئاسة رونالد ريغان في الـ16 من الشهر ذاته، والقاضي بالشروع في إجراء حوار مع منظمه التحرير الفلسطينية في تونس اعتبارا من 30 آذار 1989.
ووقّع ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين عام 1993، اتفاق إعلان المبادئ ‘أوسلو’ بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل في البيت الأبيض، في الثالث عشر من أيلول، حيث عاد ياسر عرفات بموجبه على رأس كادر منظمة التحرير إلى فلسطين، واضعا بذلك الخطوة الأولى في مسيرة تحقيق الحلم الفلسطيني في العودة والاستقلال.
وفي العشرين من كانون الثاني 1996 انتخب ياسر عرفات رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية في انتخابات عامة، وبدأت منذ ذلك الوقت مسيرة بناء أسس الدولة الفلسطينية.
وبعد فشل مفاوضات كامب ديفيد في 2000 نتيجة التعنت الإسرائيلي وحرص ياسر عرفات على عدم التفريط بالحقوق الفلسطينية والمساس بثوابتها، اندلعت انتفاضة الأقصى في الثامن والعشرين من أيلول 2000، وحاصرت القوات الإسرائيلية عرفات في مقره، بذريعة اتهامه بقيادة الانتفاضة، واجتاحت عدة مدن في عملية سميت بـ ‘السور الواقي’، وأبقت الحصار مطبقا عليه في حيز ضيق يفتقر للشروط الدنيا للحياة الآدمية.
لقد رحل الشهيد ياسر عرفات قبل 13 سنة بجسده، لكنه ترك إرثا نضاليا ومنجزات وطنية لا زالت قائمة تنهل منها الأجيال لمواصلة الكفاح من أجل التحرر وبناء أسس الدولة الفلسطينية، فأبو عمار لم يكن مجرد مقاتل يحمل بندقية، وإنما كان زعيما ملهما، أسس الدولة الفلسطينية العتيدة؛ بدءاً بدوائر منظمة التحرير التي عنيت بمختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والثقافية للشعب الفلسطيني، وانتهاءً بتأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية في الرابع من أيار 1994على أرض الوطن بعد رحلة طويلة من النضال والكفاح المرير.
بقي أن نذكر بأن ظروف استشهاد الرئيس عرفات لا تزال غامضة، والتحقيق الذي تجريه لجنة وطنية مكلفة بهذا الشأن لا زال جاريا، رغم الإعلان في أكثر من مناسبة أن وفاة الرئيس ياسر عرفات لم تكن طبيعية بل نتيجة مادة سميّة
يرجى ملاحظة أن جميع المواد المعروضة في “موقع فلسطينيو قبرص” محمية بحقوق الطبع والنشر وقوانين الألفية الرقمية لحماية البيانات.