قبرص تحتفل اليوم بالعيد الستين للاستقلال (صور)
تاريخ النشر: 01 / 10 / 2020
تحتفل قبرص اليوم الأول من تشرسن الأول / اكتوبر بذكرى استقلالها الـ 60. أُعلنت قبرص جمهورية مستقلة ذات سيادة على خلفية الاتفاقات الموقعة في كل من لندن وزيورخ والتي وضعت نهاية للكفاح الوطني المسلح ضد الحكم الاستعماري البريطاني الذي انطلقت شرارته الأولى في عام 1955 واستمر حتى عام 1959.
لعب موقع قبرص الجغرافي الذي يقع في ملتقى القارات القديمة الثلاث، دوراً كبيراً ومؤثراً في تاريخ قبرص عبر القرون.
يعود تاريخ الجزيرة القبرصية الذي يعد من الأقدم في المعمورة إلى الألف التاسع قبل الميلاد. كانت قبرص دوماً مطمعاً لقوى أجنبية عديدة سيطرت على المنطقة من وقت لآخر، ومع ذلك فقد نجح القبارصة في المحافظة على هويتهم وخصوصية ثقافتهم في الوقت الذي لم يرفضوا فيه تلك المؤثرات الوافدة بل قدموا مساحات واسعة من التواصل والتفاعل معها.
بعد حصولها على الاستقلال عام 1960 أصبحت قبرص عضواً في منظمة الأمم المتحدة كما حرصت في الأعوام التالية لذلك على الانضمام إلى جميع المنظمات والهيئات الدولية التابعة لها. كما انضمت أيضاً إلى منظمة دول الكومنولث والمجلس الأوروبي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. انضمت قبرص في الأول من ايار/مايو عام 2004 دول الاتحاد الأوروبي.
أدت بعض البنود التي تضمنتها الاتفاقات الموقعة في لندن وزيورخ والدستور بمرور الوقت إلى أزمة دستورية وصراع داخلي وتدخل أجنبي أثر على الوئام الذي سعى إليه سكان الجزيرة، ومما زاد الأمر سوءً التدخل التركي حيث غزت في العشرين من تموز / يوليو 1974 الجزيرة منتهكة بذلك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والمبادئ الأساسية التي تحكم علاقات الدول بين بعضها، ونتيجة لذلك أصبح 37% من مساحة الجزيرة واقعاً تحت الاحتلال التركي.
بالرغم من الصعوبات العديدة التي نتجت عن الغزو التركي عام 1974 واستمرار الاحتلال الأجنبي للجزء الشمالي من البلاد، تمكنت الجمهورية القبرصية من اتخاذ سياسات اقتصادية ناجحة دفعت باقتصاد البلاد لإحراز الكثير من النجاح، واستطاعت قبرص أن تتحول تدريجياً من بلد يقتصر صادراته على المحاصيل الزراعية والمعدنية خلال الفترة من عام 1960 حتى 1974 إلى مصدر للسلع الصناعية خلال النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي، كما
أصبحت مقصداً سياحياً هاماً ومركزاً رئيسياً للخدمات. قبل الأزمة الاقتصادية في عام 2013 سجلت قبرص أداء اقتصادياً مبهراً في النمو الاقتصادي المتواصل وزيادة فرص العمل والقضاء على البطالة.
خلال الأعوام القليلة الماضية برز في قبرص نشاط اقتصادي هام تمثل في قطاع التجارة العابرة وأصبحت البلاد مركزاً دولياً لإدارة الأعمال. تحولت قبرص إلى مركز هام في شرق المتوسط، وأصبحت بمثابة جسر يربط بين دول الاتحاد الأوروبي من ناحية والأسواق الواعدة في الشرق الأوسط من ناحية أخرى. مع الاكتشافات الجديدة لمصادر الطاقة في المتوسط، دخل الاقتصاد القبرصي نقلة جديدة حيث تم اكتشاف حقول للغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، وهناك مشاريع يتم تنفيذها لاستكشاف المزيد بالتعاون مع الشركات الدولية مثل إيمي الإيطالية وتوتال الفرنسية واكسون موبيل الأمريكية وغيرها.
كما تتعاون قبرص حالياً مع دول المنطقة لتعظيم الفائدة المشتركة من استغلال مصادر الطاقة في شرق المتوسط، في الوقت الذي تحاول فيه تركيا عرقلة هذا التعاون الاقليمي، وتزعم أن لها حقوق في الحقول المكتشفة في قبرص.
قامت الأمم المتحدة بالكثير من المبادرات لحل المشكلة القبرصية وتوحيد أراضي الجزيرة، من خلال عقد العديد من المباحثات والمناقشات منذ عام 1975، إلا أن كل تلك الجهود تحطمت على صخرة التعنت من جانب تركيا، التي تعمل جاهدة على استمرار تقسيم الجزيرة. كانت آخر جهود للتسوية في صيف 2017 في كران مونتانا في سويسرا، عندما عقد المؤتمر برعاية الأمم المتحدة وتم بناء آمال حوله، إلا أنه انتهى دون التوصل إلى حل. يهدف الحل إلى توحيد الجزيرة تحت سقف اتحادي.
قال رئيس الجمهورية في هذه المناسبة أن قبرص تحتفل بهذه الذكرى ونحن نتذكر ونحيي كل أولئك الذين حاربوا وضحوا بأرواحهم من أجل إنهاء الاستعمار وإنشاء جمهورية قبرص، وكل من ضحوا بأرواحهم أو حاربوا دفاعاً عن سيادتها وسلامتها الإقليمية. خلال الغزو العسكري التركي غير الشرعي في تموز / يوليو 1974.
إنه منذ ذلك الحين لا يزال شعب قبرص يعاني من العواقب المأساوية والتي تتمثل في الاحتلال العسكري لـ 37% من أرض الجزيرة، النزوح الكثيف لـ 40% من السكان، الاستيلاء على ممتلكاتنا، تدمير تراثنا الثقافي، التغيير المتعمد للتكوين الديموغرافي طويل الأمد لسكان الجزيرة من خلال النقل غير المشروع وجلب آلاف المستوطنين، تتريك الأراضي ونشر التطرف، القضية الإنسانية المتمثلة في مصير المفقودين الذي لا يتم التجاوب معها.
إنه على الرغم من الجهود المخلصة والمشاركة البناءة لي ولمن سبقوني في تحقيق تسوية عملية قابلة للتطبيق تظل نيقوسيا آخر عاصمة أوروبية مقسمة بسبب موقف تركيا المتصلب من خلال التصور المعروف أن “الفائز يحصل على شيء”.
هذا العام يعاني بلدنا من وضع صعب بشكل خاص، حيث نواجه انتهاكات جديدة للقانون الدولي ولسيادة بلدنا من قبل تركيا، إما من خلال التنقيب غير القانوني في منطقتنا الاقتصادية الخالصة أو من خلال التهديدات بالتوطين الوشيك لبلدة فاروشا المسيجة التي تخضع للسيطرة العسكرية التركية.
إنه فقط من خلال رد الفعل الحاسم والقوي يمكن أن يمنع تركيا من متابعة سياستها التوسعية. وكلنا نشهد ما يحدث الآن في بناغورنو كاراباخ والتهديد التركي بالتدخل العسكري مرة أخرى بعد تدخلاتها في سوريا وليبيا.
إننا نسعى لرؤية شعبنا في العيش في دولة أوروبية مستقلة وذات سيادة حقيقية، دولة خالية من التبعية ومن القوات الأجنبية وحقوق التدخل من الدولة المحتلة. إننا نسعى من أجل حل دائم تراعى فيه شواغل وحساسيات كافة الطوائف.
آمل أن نتمكن في العام القادم من الاحتفال بتحرير بلدنا من قوات الاحتلال التركي وإعادة توحيد وطننا، من خلال تسوية تضمن التعايش السلمي ومستقبل الرخاء لشعب قبرص بأكمله.
المصدر: وكالة الانباء القبرصية
يرجى ملاحظة أن جميع المواد المعروضة في “موقع فلسطينيو قبرص” محمية بحقوق الطبع والنشر وقوانين الألفية الرقمية لحماية البيانات.